تاريخ النشر : 24-05-2023
المشاهدات : 578
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله 
معلمتي بالنسبة للتأمين، شخص بيشتغل في محل أو شغل خاص وليس مؤمن عليه في الشغل. 
هل يجوز أن يدفع هو للحكومة مبلغ شهرى يعني يأمن هو علي نفسه ولما يبلغ سن المعاش يأخذ معاش، لأن صاحب العمل لاويؤمن علي كل من يشتغل معه، فهو يدفع لنفسه؟ يجوز أم لا؟
من يشتغل المفروض أن صاحب العمل يؤمن عليه لأنه اجبارى التأمين علي كل الموظفين هل حرام أم حلال؟ 
جزيتم خيرا 
الاجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.  
إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال 
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد : 
المعاشات التقاعدية تعد من نوزال العصر الحديث وتختلف أحكامه بإختلاف صوره فإذا كان الراتب التقاعدي (المعاش التقاعدي) تبرعا صرفا من الدولة دون أن يستقطع من راتب الموظف شيء فهو عقد جائز بلا خلاف بين العلماء فيما يظهر لأنه منحة وعطية من ولي أمر المسلمين أو من خزينة الدولة بإذن ولي الأمر لآحاد من الناس وهذا أمر جائز لا مانع منه شرعا. ومثاله المعاشات التي تعطي لمن تخطي ال65 من العمر وليس له معاش. وكذلك معاشات المطلقات والأرامل اللآتي لا يعملن . 
الصورة الثانية : إذا كان المعاش التقاعدي كله ناتج عن استقطاع من راتب الموظف فقط ويعاوض عنه فيما بعد بالراتب التقاعدي فهو عقد معاوضة صرفة وهو داخل في التأمين التجاري وصورة من صوره بلا إشكال والراجح فيه التحريم لما فيه من الغرر والربا .    
الصورة الثالثة : أن يكون المعاش التقاعدي ناتج عن راتب الموظف المستقطع وتسهم الدولة فيه بمقدار معين وهذا النوع من المعاش اختلف في حكمه الفقهاء إلي ثلاثة أقوال : الأول وهو قول جمهور الفقهاء المعاصرين وهو ما ذهب إليه الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية في العصر السابق والشيخ عبد العزيز بن باز واللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين رحمهم الله جميعا وهو ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي وهيئة كبار العلماء 
قال الشيخ محمد بن إبراهيم (والذي ظهر لنا أن ما يصرف من التقاعد للموظف في حياته ولورثته بعد موته متحصل من جهتين 
الأولي : ما يخصم من النسبة المئوية من راتبه الأساسي 
الثاني : ما يضاف من النسبة المئوية من ولي الأمر إلي هذا المخصوم من مرتبه ويودع هذا والذي قبله لدي مصلحة معاشات التقاعد ليتقاضاه الموظف إذا أحيل للتقاعد ويصرف ما بقي علي ورثته بعد موته وبناء علي ذلك فهو حق للموظف) 
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز حينما سئل عن حكم أخذ المعاش التقاعدي (يجوز أخذه وقد صدرت به فتوي من هيئة كبار العلماء) 
وفي فتوي اللجنة الدائمة في حكم أخذ الراتب التقاعدي (إذا كان الواقع كذلك جاز لك أخذ معاش التقاعد لأنه مكافأة علي الخدمة التي قمت بها مدة العمل في الحكومة) 
وقال الشيخ ابن عثيمين عن معاش التقاعد (وأما أخذه فلا بأس لأنه جزء ادخرته الدولة من راتب الموظف عند الحاجة إليه)  
واستدلوا علي ذلك بأدلة منها أن هذا النظام لا يتعارض مع قواعد الشرع التي تهدف إلي التعاون والتكافل والعدل والراتب التقاعدي يحقق ذلك ولا شك فإن ما يدفعه الموظف قبل التقاعد أقل بكثير مما يتقاضاه بعد التقاعد حيث أن الحكومة أو الشركة تتبرع بالزائد على ما خصموه مكافأة لذلك العامل الذي أمضي هذه الخدمة معها وتشجيعا للعاملين ورفقا بهم بعد التقاعد حيث يجري لهم المعاش الشهري ولو طالت المدة ويجري لعوائلهم من بعدهم . 
القول الثاني : أن هذا النوع حكمه التحريم ولا يجوز التعامل به وهذا مذهب الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله وأنه لما تقاعد أبي (رفض) أن يقبض معاشه التقاعدي حتي مات رحمه الله وهو مذهب الشيخ عبد الرحمن البراك قالوا هو محرم قياسا علي التأمين التجاري 
والقول الثالث : التفصيل في حكم الراتب التقاعدي 
فإن كان هذا الراتب من جهة حكومية فلا شيء فيه ويجوز أخذه والتعامل به 
وإن كان من جهة أهلية خاصة كالشركات ونحوها فلا يجوز أخذه ولا التعامل به إن كان إختياريا. وإن أجبر عليه فلا إثم عليه وينتفع بالقدر الذي استقطع منه ولا ينتفع بالقدر الزائد فلا يحل أخذ أكثر مما أخذ منه بل يترك الباقي أو يوزعه في وجوه الخير   
وممن قال به القول الشيخ محمد المنجد. 
وإذا اعتبرنا قول الجمهور وهو الجواز سواء كانت الجهة حكومية أو أهلية . ننتقل إلي الجزء الأصلي في سؤالك وهو هل يجوز أن يدفع العامل عن نفسه ليأخذ معاشا تقاعديا  
والذي يظهر أن ذلك الفعل إن كان موافقا لما عليه نظام المعاشات وما وضعه ولي الأمر ومن ينوب عنه من ضوابط للمعاشات ولم يدفع عن طريق التحايل علي النظم والشروط فلا بأس . 
وذلك لأن المسألةإجرائية تنظيمية فمناطها راجع للنظم وقيام الموظف بما يلزم للحصول علي حقه من الراتب التقاعدي فيما لا يعد مخالفا للشرع ولا للنظام الصادر من ولي الأمر في هذا يظهر أنه لا مخالفة فيه وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (المسلمون على شروطهم) رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في صحيح أبي داود

logo